فيلم القلوب الوحيدة (Lonely Hearts ) هو احد أروع الأعمال السينمائية الدرامية ، وهو من بطولة جون ترافولتا ، سلمى حايك، جيمس جاندولفينى، جاريد ليتو، إخراج تود روبينسون .
جون ترافولتا بدور المحقق ..
|
في بداية الفيلم نرى المحقق باستر ( جون ترافولتا ) وهو يتوجه للتحقيق في جريمة انتحار ، فيتذكر زوجته الراحلة التي انتحرت بطلق ناري في رأسها . ولاحقا نرى رايموند فيرنانديز ، وهو نصاب متخصص بلعبة القلوب الوحيدة ، وهي لعبة , أو بالأحرى خدعة , أساسها نشر إعلان في صفحات الجرائد المتخصصة بالتعارف وطلبات الزواج من اجل الإيقاع بالسيدات الوحيدات الباحثات عن حبيب أو شريك حياة وسلب أموالهن .
رايموند في الحقيقة لم يكن أول من مارس هذه اللعبة القذرة ، فهي قديمة ومعروفة ، لكنه كان الألطف والأوسم والأقدر على الإيقاع بالنساء في حبائله ، وما أن تقع الضحية في الفخ حتى يبدأ بجمع المعلومات عن وضعها المالي وحسابها المصرفي .. لو شم رائحة المال يشرع بالعمل على تجريدها منه .. أما لو اكتشف إنهن مفلسات فكان يهجرهن إلى غير رجعة .. أستمر ذلك حتى أتى اليوم الذي قابل فيه المرأة التي ستغير حياته ، فهي كانت مخادعة مثله ، كان هو يسعى للإيقاع بالنساء الوحيدات ، أما هي فمتخصصة بالرجال الوحيدين .. ولأن الاثنان نصابان من نفس الطينة فقد أراد كل منهما خداع الآخر ! .
سلمى حايك وجاريد ليتو بدور بيرثا ورايموند ..
|
في النهاية اكتشفا حقيقة بعضهم ، وكانت تلك هي بداية النهاية لحياة الكثير من الناس ..
سرعان ما وقع الاثنان في غرام بعضهما وأصبحا شريكان في الفراش .. وفي خداع الناس أيضا ..
كانت مارثا تمثل دور شقيقة رايموند العانس ، وذلك لكي تستطيع البقاء معه وليكسبوا ثقة ضحاياهم بسهولة ، و معا قاما بالنصب على العديد من السيدات وسلب أموالهن ومن ثم قتلهن ، كان رايموند يقتلهن من اجل أن يبرهن لمارثا مدى حبه لها .
لكن لكل بداية نهاية .. وكانت نهاية النصابان القاتلان عن طريق الصدفة . ففيما كانا يقودان سيارتهما في إحدى الطرق أوقفهما ضابط لأن السيارة كانت مسروقة .. كانت في الحقيقة سيارة واحدة من ضحاياهم .
مارثا حاولت إغواء الضابط لكي يتركهما .. لكن من دون فائدة .. وقام الضابط بالاتصال بالمحقق باستر وسرعان ما تكشفت جوانب الجرائم التي أرتكبها الاثنان ..
أخيرا وقع ثنائي قتلة القلوب الوحيدة رايموند وعشيقته مارثا ، وما لبثا أن اعترفا بارتكاب 12 جريمة قتل فحكم عليهم بالإعدام بواسطة الكرسي الكهربائي .
الفيلم ينتهي بترك المحقق باستر لمهنته ثم اصطحابه لحبيبته وابنه ليعيشوا معا حياة هادئة .
بلغ مجموع إيرادات الفيلم 18 مليون دولار حول العالم ، كما شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان سان سباستيان السينمائي الدولي وكان مرشحاً لجائزته الكبرى .
القصة الحقيقية
بيرثا ورايموند الحقيقيين ..
|
الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية حدثت خلال أربعينيات القرن المنصرم ، لرجل يدعى رايموند فيرنانديز ، وسيدة تدعى مارتا بيك ، تم اتهامها بارتكاب عدة جرائم قتل باستخدام طريقة خداع غريبة ، فكان الحبيبان ينشران إعلانات في الصحف تصف رايموند بأنه رجل لاتيني وسيم يبحث عن صديقة ، وعندما تستجيب امرأة للإعلان ، تكون في الأغلب أرملة أو عانس ، فيقوم الحبيبان بقتلها وسرقة أموالها وسط استمتاع غريب بالجنس الملوث بالدماء ، والغريب أن التعارف الأول بين رايموند ومارتا كان من المفترض أن ينتهي بجريمة قتل أخرى ، لولا وقوعهما في الحب من النظرة الأولى، وهو الحب الذي استمر حتى عندما تم القبض عليهما واعترفا بارتكاب 12 جريمة قتل ، فكانا يقفان في قفص الاتهام أثناء المحاكمة وهما متحابان متشابكة أيديهما . وتتالت اعترافات الاثنين بجرائمهما ما جعل الصحافة في نيويورك تعمل ليل نهار لنشر تفاصيل القصة التي بدت مادة رخيصة حتى بحسب مقاييس الصحافة الصفراء .
هل كان وسيما ؟ .. أم يستعمل السحر الأسود ؟ ..
|
كانت تفاصيل حياتهما وقصة العشق الغريب الذي جمعهما هو أكثر ما أثار الناس , كان الاثنان قد تعرضا لحادث قلب حياتهما رأسا على عقب . رايموند ولد في هاواي عام 1914 لأبوين أسبانيين , وعاد لأسبانيا في شبابه فتزوج وعاش لسنوات كرب أسرة محترم مع زوجته وأطفاله الأربعة , لكن في أحد الأيام سقط على رأسه قضيب معدني فكسر جمجمته وادخله المستشفى ، وحين أستيقظ من غيبوبته كانت شخصيته قد تغيرت بصورة جذرية , أصبح شخصا آخر لا يمت بصلة لماضيه , فهجر زوجته وأطفاله وسافرلأمريكا , هناك أقدم على بعض السرقات فألقي القبض عليه وأودع السجن , وفي السجن بدأ اهتمامه وتعلقه بالفودو والسحر الأسود ، وحين خرج من السجن بعد سنوات زعم بأنه أمتلك قوة خارقة عن طريق السحر الأسود تمكنه من سحر النساء وإيقاعهن في غرامه بسهولة , وسرعان ما وضع قدرته هذه موضع التنفيذ فبدأ يعلن في الجرائد للإيقاع بالنساء الوحيدات كما أسلفنا .
مارثا .. كانت تعاني من البدانة منذ طفولتها ..
|
أما مارثا فقد ولدت عام 1920 , كانت بدينة منذ طفولتها بسبب اختلال في عمل غددها . وزعمت بأنها تعرضت للاغتصاب على يد شقيقها حينما كانت بسن الثانية عشر وأخبرت أمها عن ذلك , لكن أمها لامتها واعتبرتها هي المسئولة عما جرى . لعبت هذه الحادثة دورا كبيرا في تشكيل حياة ومستقبل مارثا التي عملت كممرضة بعد إنهائها لدراستها الثانوية , ثم عملت في دار للجنائز لفترة , وعرفت بأعصابها المنفلتة وبعلاقاتها الجنسية المتعددة التي أدت إحداها إلى الحمل والإنجاب . وللتهرب من أسئلة الناس حول والد الطفلة الذي أنجبتها زعمت بأن زوجها يحارب في أوربا , ثم زعمت لاحقا بأنه قتل في إحدى المعارك هناك . فتعاطف الناس معها إلى درجة أنهم أقاموا مأتما لزوجها المزعوم ونشورا نعيا له في الجرائد ! .. وربما كانت هذه الحادثة , أي سهولة خداع الناس هي من شجعتها على المضي قدما في درب النصب والاحتيال .
صورة الضحية الأخيرة وطفلتها ..
|
لاحقا تزوجت مارثا من سائق حافلة , ولم يدم هذا الزواج سوى لستة أشهر هجرها زوجها بعدها فظلت وحيدة مع طفلين , وفي محاولة للعثور على زوج جديد بدأت مارثا تنشر إعلانات طلب زواج في صفحات الجرائد . وهكذا تعرفت إلى رايموند , وسرعان ما وقعا بغرام بعض بعد أن اكتشفا بأنهما من نفس الطينة والعينة . فهجرت بيرثا أطفالها وأرسلتهم إلى ملجأ , وأخذت تمثل دور شقيقة رايموند لتساعده بالاحتيال على ضحاياه من النساء الوحيدات الباحثات عن زوج . ولسنوات أرتكب الاثنان جرائم عديدة , لكن جريمتهما الأخيرة كانت الأكثر بشاعة , فبنهاية عام 1949 تمكن رايموند من الإيقاع بأرملة تدعى دلفين داوننج لديها طفلة صغيرة بعمر عامان , وذهب بمعية مارثا للسكن معها في منزلها الواقع في ولاية ميشيغان . الأرملة بدأت تشك برايموند وشقيقته , وفي إحدى الليالي أصيبت بحالة هياج شديدة فدس لها رايموند بعض الحبوب المنومة , وحين شاهدت الطفلة أمها تفقد الوعي بدأت بالصراخ والبكاء , فأغضب ذلك بيرثا التي خنقت الفتاة حتى ظنت بأنها ماتت , وحين شاهد رايموند ما جرى للطفلة خاف أن تصحو أمها فتجدها ميتة , فلم يجد بدا من قتل الأم بإطلاق النار على رأسها , لكن بعد قتل الأرملة بعدة ساعات استعادت الطفلة وعيها وعادت للصراخ والبكاء من جديد , فأغضب ذلك بيرثا التي حملت الطفلة إلى الحمام وقتلتها عن طريق إغراقها في المغطس .
العاشقان القاتلان قاما بدفن الأرملة وأبنتها في القبو , وبقيا معا في منزل ضحيتهما لعدة أيام , وهو الأمر الذي أثار شكوك الجيران الذين اتصلوا بالشرطة فقاد ذلك إلى الإيقاع بالثنائي القاتل .
حتى اللحظة الاخيرة تبادل الاثنان عهود العشق والغرام ..
|
خلال المحاكمة كان حجم مارثا الضخم هو المادة التي ركزت عليها الصحافة باستمرار والتي كان يقدر وزنها بما يزيد على 200 او 300 رطل . وقد دفعت هذه السخرية المستمرة بمارثا لأن تكتب سلسلة من الرسائل الغاضبة والدامعة من السجن وجهتها إلى الإعلام تشتكي فيها من المعاملة غير المنصفة التي تلقتها من كتاب الأعمدة مثل والتر وينشل ومن صحف مثل الديلي نيوز والنيويورك ميرور.
الظريف مارثا كتبت في إحدى رسائلها « أنا إنسانة ، واشعر بكل صفعة في داخلي، وحتى لو استطعت أن أخفي مشاعري وابتسم في وجوههم فإن ذلك لا يعني إن قلبي لا ينكسر بسبب اهاناتهم التي يوجهونها عند حديثهم عني».
وقبل إعدامهما كتب رايموند قائلا : "أريد أن أنهي الجدل حول علاقتي بمارثا .. أنا أعشق مارثا .. ماذا يعلم الناس عن الحب ؟! " . أما مارثا فكتبت قائلة : " قصتي هي قصة حب , لكن فقط أولئك الذين تعذبوا بالحب يفهمون ما أعني " .
تعليقات
إرسال تعليق