عجائب الدنيا السبع (الجديدة) : تمثال المسيح الفادي ‏

ينتصب فوق قمة ارتفاعها 700 متر و يطل على جميع اجزاء العاصمة البرازيلية


يمكن مشاهدة التمثال من جميع ارجاء العاصمة البرازيلية

فكرة انشاء تمثال للسيد المسيح (Christ the Redeemer ) كانت فكرة دينية في الأساس , ففي عام 1850 فكر احد القساوسة الكاثوليك و اسمه بيدرو بوز بإنشاء نصب مهيب يرمز للمسيحية في البرازيل و قد التمس من الأميرة إيزابيل التي كانت وريثة عرش الإمبراطورية البرازيلية آنذاك (2) أن تمد المشروع بالمال لكن الأميرة تجاهلت الفكرة فطواها النسيان و تم رفضها تماما بعد إعلان الجمهورية البرازيلية و إصدار القوانين التي نظمت عمل الكنيسة و فصلت إدارتها و مواردها عن الدولة , لكن الفكرة انتعشت مجددا في عشرينيات القرن المنصرم بواسطة مجموعة من المتدينين الكاثوليك في العاصمة ريو و تم تنظيم مهرجانات و تجمعات جماهيرية كبيرة من اجل جمع التبرعات و المساعدات العينية اللازمة لتنفيذ المشروع و بالفعل استطاعت المجموعة خلال سنوات قليلة من جمع مبالغ كبيرة من المال أتت في معظمها من شريحة البرازيليين الكاثوليك و سرعان ما تم الاستعانة بعدد من المصممين و النحاتين البارزين لتقديم تصاميمهم حول النصب المقترح , و كانت الفكرة الأساسية للمشروع تتركز حول إنشاء نصب ضخم يرمز للصليب و للسيد المسيح أيضا في نفس الوقت و قد اختارت اللجنة المنظمة لمسابقة التصاميم الهندسية تصميما لمهندس برازيلي يدعى هيترو دي سيلفا كوستا استخدم في عمله و مخططاته أساليب فنية كانت رائجة في فترة العشرينيات من القرن المنصرم و تدعى فن الـ (آرت ديكو).
تقرر تنفيذ المشروع فوق قمة جبل كوركفادو الذي ينتصب بارتفاع 700 متر فوق سطح البحر و يمكن مشاهدة قمته من جميع أنحاء العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو و تم تكليف النحات الفرنسي بول لاندويسكي و مجموعة من الفنانين و النحاتين الآخرين بنحت التمثال و نصبه.
استعملت الخرسانة المسلحة في صب الجزء الداخلي من التمثال و تم اكساءه من الخارج بحجر الصابون (Soapstone ) المستورد خصيصا من السويد و يمتاز هذا الحجر بصلابته و لكنه في نفس الوقت سهل التشكيل و عازل جيد للكهرباء. و قد تم مد الطرق و إنشاء خط سكة حديد تصعد إلى قمة الجبل لنقل العمال و مواد البناء و استمر العمل لتنفيذ المشروع لمدة لتسع سنوات بين عامي 1922 – 1931 و تم افتتاح النصب في احتفال كبير شارك فيه رئيس الجمهورية البرازيلي آنذاك , و قد تقرر أن تتم إنارة التمثال عن طريق أجهزة مربوطة لاسلكيا بالفاتيكان في ايطاليا على بعد 5700 ميل , كنوع من الاحترام الذي يكنه كاثوليك العالم للبابا للفاتيكان , لكن الخطة واجهت بعض المشاكل بسبب سوء الأحوال الجوية لذلك تقرر إنارة التمثال من قبل العمال البرازيليين المسئولين عن إدارة و صيانة التمثال و الأقسام المرفقة به.
التمثال هو رمز ديني للمسيحية في البرازيل
تمثال المسيح المفدى يعتبر اكبر نصب لفن الآرت ديكو و يبلغ ارتفاعه 39.6 متر من ضمنها المنصة التي يقف عليها و التي يبلغ ارتفاعها 9.5 متر كما يبلغ عرض التمثال 30 مترا أما وزنه ككل فيبلغ حوالي 650 طن , و هناك تمثال آخر للسيد المسيح في بوليفيا أطول قليلا من التمثال البرازيلي إذ يبلغ ارتفاعه 40.4 متر من ضمنها منصته التي يقف عليها و البالغ ارتفاعها 6.24 متر لكن طراز نحت التمثالين مختلف كما أن القمة العالية التي ينتصب عليها التمثال البرازيلي ميزته عن نضيره البوليفي.
في عام 2007 تم ترشيح التمثال ضمن المسابقة السويسرية لاختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة و قد قامت العديد من الشركات و البنوك البرازيلية الكبيرة بتنظيم حملة إعلانية ضخمة للترويج للتمثال كما تم استغلال العامل الديني للحصول على مزيد من الأصوات فرفعت الحملة شعار "صوت من اجل المسيح" و بعثت شركات الهاتف المحمول في البلاد رسائل الكترونية إلى أجهزة الهاتف المحمول للملايين من مستخدميها تقول : "اضغط 4916 و صوت للمسيح , مجانا!" و يبدو أن عشرة ملايين برازيلي قد استجابوا لهذه الدعوة المجانية و صوتوا للتمثال مما ضمن له الفوز في المسابقة , طبعا هذا لا يعني أن بقية الدول الفائزة (3) في مسابقة العجائب السبع الجديدة لم تستغل العامل الوطني لإلهاب شعور مواطنيها و لم تستثمر ملايين الدولارات لدفعهم للتصويت لعجائب بلدانهم المشاركة في المسابقة , فالأمر بالطبع لا يقتصر على العامل الديني و لكن العامل الأساسي الذي لعب دورا كبيرا في نتائج المسابقة هو العامل الوطني المتجسد بالشعور بالفخر لانتماء هذه الآثار إلى البلد الفلاني إضافة إلى العامل الاقتصادي الذي أدى إلى توجيه الأنظار و الاستثمارات نحو هذه المسابقة لأن العديد من الحكومات اعتبرتها فرصة ذهبية لجذب السياح , و هذه التأثيرات العاطفية سواء وطنية أو اقتصادية أو دينية هي التي دفعت الكثيرين حول العالم , من ضمنهم اليونسكو , للتشكيك في مصداقية المسابقة لأنها اعتمدت على أسلوب من يصوت أكثر يربح أكثر حيث يمكن لشخص واحد أن يصوت عدة مرات.
في عام 2008 تعرض التمثال إلى صاعقة قوية أثناء عاصفة رعدية ضربت مدينة ريو دي جانيرو لكن الصاعقة لم تترك أضرارا في التمثال رغم احتراق عدة أشجار قربه بفضل الحجر الصابوني المستعمل في طبقته الخارجية و الذي يعتبر عازلا جيدا للتيار الكهربائي.

تعليقات