النيوترينو .. الجسيم الشبحي



في وسط خضم هائل تم اكتشافه من الجسيمات الأولية التي تكون الذرة (ويصل عددها حتى الآن ما يربو عن 130 نوع منها) يقبع ذلك الجسيم الصغير جدا على عرشها جميعا من حيث الغموض والإثارة ..
 
قد صدقت فيه الحكمة العربية القديمة "أن الشيء كلما دق عنف" إذ أنه يعد من أصغر الجسيمات على الإطلاق - إن لم يكن أصغرها فعلا - علم عنه العلماء القليل وغاب عنهم الكثير وذلك بسبب صعوبة اصطياده إذ أنه يجب إذا أردت قياسه أن يصطدم بنواة الذرة وذلك نادر جدا ما يحدث.
يرجع سبب خفائه عن العلماء في أنه يتمتع بالصفات الآتية:
حتى الثقب الاسود يعجز عن ابتلاع النيوترينو ..
إذ أنه قد يكون له كتلة كبقية الجسيمات ولكن ليست له شحنة وذلك مما يجعله صعب الاصطياد إذ أنه وبتلك الصفة العجيبة يسرع هائما في جنبات الكون بسرعة الضوء - وقد تزيد عنها - غير عابئ بأي جاذبية حتى الثقب الأسود صاحب أعظم جاذبية عرفت حتى الآن يمر ذلك الجسيم من جانبه ويخرج له لسانه "كي يغيظه" (أعذروني عن ذلك التعبير) لأنه لا يستطيع له جذبا .
كذلك فهو يستطيع المرور بين العوالم المتوازية المختلفة بدون عناء يذكر , ضاربا بالفيزياء الكلاسيكية عرض الحائط إذ أنه يذهب ويعود قبل وصول فوتونات الضوء إلى محطة الانتهاء من الرحلة , وهو بذلك قد خدع بعض العلماء إذ ظنوا فيه بأن له سرعة تفوق سرعة الضوء بالرغم من استحالة ذلك على حسب ما نصت عليه قوانين النسبية الخاصة .
لكي تستطيع صد جسيم ما فإن عليك أن تضع حائل من مادة معينة ويختلف سمكه بحسب قوة اختراق ونفاذية ذلك الجسيم مثلا لكي تصد جسيمات ألفا فأحضر حائل من الورق أما أشعة بيتا فتحتاج إلى صفيحة من الرصاص لكي تمنعها من النفاذ أما أشعة جاما فتحتاج إلى بوصة على الأقل كسمك لحائل من الرصاص كي يمنعها من التقدم والأشعة الكونية لها قدرة نفاذية عالية فهي لديها من قوة الاختراق حتى أنك يجب أن تحضر حائل بقطر عشرة أمتار من الرصاص لكي تمنعها.
لكن النيوترينو ذلك المارد الصغير ليس من هؤلاء الضعفاء في نظره إذ أنك تحتاج إلى حائل من الرصاص قطره ( 3*10^21 ) كيلو مترا لكي تمنعه من المضي قدما إلى أطراف الكون.
مشروع سيرن أضاف الكثير لمعلوماتنا عن النيوترينو
تم استنتاج وجود النيوترينو بسبب ظاهرة تحلل بعض النظائر المشعة من خلال إطلاق أشعة بيتا التي هي عبارة عن إلكترونات . فعند تحلل العنصر المشع إلي عنصر آخر يحدث فقد معين في الطاقة، هذا الفقد في الطاقة هو عبارة عن الفرق بين طاقة العنصر المشع، وطاقة العنصر الناتج. والمفروض، لاحترام قانون عدم فناء الطاقة، أن يحمل الإلكترون -المنطلق من نواة الذرة والخارج علي هيئة شعاع من أشعة بيتا - أن يحمل هذا الفرق في الطاقة، ولكن القياسات بينت، أن الإلكترون يحمل طاقة أقل من الطاقة المفروضة خلال التحلل، لهذا افترض العالم الأمريكي فولفجانج باولي عام 1930 وجود جسيم صغير يحمل تلك الطاقة الناقصة التي لا نراها وأطلق عليه اسم "نيوترينو" حيث أنه لا يحمل شحنة كهربية .
استغرق العلماء وقتاً طويلاً حتى استطاعوا اكتشاف النيوترينو بأصنافه الثلاثة ( نيوترينو-الإلكترون , ونيوترينو-الميون ، ونيوترينو-التاون ). كما أن الاكتشافات تمت على مراحل بدأت في الستينات وانتهت أواخر العام 2000 . من المعتقد أن حوالي عن 50 تريليون نيوترينو شمسي تخترق الجسم البشري كل ثانية .
هل سرعة النيوترينو اكبر من سرعة الضوء فعلا ؟ ..
كان فريق أوبرا التابع لمشروع سيرن قد أعلن في أواخر 2011 عن تأكيدات التجارب السابقة التي أجريت في الثمانينات من القرن الماضي بأن سرعة النيوترينوات من نوع ميون Muon هي أكبر قليلاً من سرعة الضوء(1.00005 من سرعة الضوء) وحتى مع صحة الادعاء فقد كانت لا تزال ضمن مبدأ الريبة. الأمر الذي قد يعيد صياغة قوانين النسبية والفيزياء الحديثة لكن تجارب أعيدت بعد انتقاد من قبل بعض علماء آخرين بينت أن هناك شكوكاً حول ظروف التجربة.
 وقد أثبت أحد رجالات العلم المصريين يعمل بالمراسلة لدى مؤسسة "سيرن" بأنه لم يكن ليستطيع الوصول إلى سرعة تفوق سرعة الضوء إلا إذا كان ينتقل بين العوالم حيث انتقل بطريقة خفية إلى عالم موازٍ لنا وقد أحل محله آخر وهو توأمه وهو بذلك قد أعد نفقا كي يصل البديل له في وقت أقل مما لو كان استمر هو بنفسه إلى نهاية الرحلة في التجربة.
وفي الحقيقة فإن النيوترينو - ذلك الجسيم الشبحي المراوغ - يستخدم نكهاته أو أوجهه الثلاثة أثناء رحلته بين ثنايا الكون الفسيح فإنه يتحول أثناء انتقاله من نيوترينو-إلكترون مثلا إلى نيوترينو-تاون وهكذا، وهذا مما حير علماء القرن الحادي والعشرين بأي الأوجه يكون هو في حقيقته لكن الأمر ليس إلا خدعة يستخدمها ذلك المحتال فإنه ينتقل إلى عوالم أخرى ويضع مكانه في عالمنا توأمه كي يحافظ على قانون ثبات كم المادة في الكون.

تعليقات